وتأتي
الدراسة في إطار مراقبة الجهاز للأسواق ذات
الأولوية، حيث يقوم الجهاز بصفة دورية بإعداد تقارير استقصائية عن أوضاع المنافسة داخل
عدد من الأسواق الأساسية ، وذلك لبحث مدى توافقها مع قانون حماية المنافسة، وبهدف الكشف
عن الممارسات التي من شأنها الحد من المنافسة أو تقييدها.
وتساعد
الدراسة فى تفسير ما يشهده سوق الإسمنت حاليا من اضطرابات وتغيرات ، كما يقوم الجهاز
باستكمال البحث ليشمل الأسابيع الأولى من عام ٢٠١٨.
ونظراً
لما اثير مؤخرا عن شبهة وجود ممارسات احتكارية في سوق الأسمنت ، وايمانا من الجهاز
بأهمية المشاركة في إتاحة المعلومات والحقائق ، أوضحت رئيسة الجهاز الدكتورة منى الجرف
انه قد يكون من المفيد مشاركة الرأي العام -الأن-بعض نتائج الدراسة التي قام بها عن
سوق الاسمنت وجاءت أهم النتائج على النحو التالى :
أولا
: زيادة المنافسة في سوق الاسمنت وتراجع نسب التركز والسيطرة؛ فقد زادت عدد الشركات
من ١٣ شركة عام ٢٠٠٨ إلى ٢٢ شركة في عام ٢٠١٧، مع توقع مزيد من الزيادة مع طرح الحكومة
لعدد ١١ رخصة لإنشاء مصانع جديدة في يناير ٢٠١٧، وتوقع تشغيل مصنع بني سويف خلال الأشهر
القادمة والذي يعد الأكبر في مصر بإجمالي ستة خطوط انتاج وبطاقة إنتاجية تبلغ نحو
١٣ مليون طن سنويا( لتمثل نحو ٣٠٪ من إجمالى الطاقة الإنتاجية الحالية)، وهو ما سيساهم
بمزيد من المنافسة في هذا السوق .
وبدون الدخول في تفاصيل فنيه أو علمية، انخفضت بالفعل
كافة مؤشرات التركز المختلفة بسوق الاسمنت، وهي المؤشرات التي تقيس درجة سيطرة أو هيمنة شركات محدودة على النصيب الأكبر من الإنتاج في السوق
، وهذا بدوره ما يؤكد زيادة المنافسة وانخفاض قدرة الشركات الكبرى على التحكم فى الكمية
المعروضة من الإسمنت محليا.
كما
أوضحت الدراسة تراجع الحصص السوقية للشركات الكبرى في السوق فقد تراجع نصيب لافارج
عام ٢٠١٧ بنحو ٣٦٪ من حصتها عام ٢٠٠٨ من إجمالى سوق الإسمنت ، ومجموعة السويس انخفضت
حصتها بنحو ٥٠٪ مما كانت عليه في بدابة الفترة. وفى ذات الوقت تضاعفت حصة شركات أخرى مثل السويدي
واسمنت بني سويف ، كما نجحت شركات جديدة كاسيك المنيا للإسمنت، وشركة جنوب الوادى وشركة
صناعات مواد البناء، واسمنت النهضة في الدخول إلى سوق الإنتاج؛ بما يؤكد حرية الدخول
والمنافسة في سوق الإسمنت.
ثانيا:
ارتفاع تكاليف الإنتاج بمعدلات فاقت الارتفاع في أسعار بيع أرض المصنع، ومن ثم انخفاض
هامش الربح التشغيلي في المتوسط لشركات الإنتاج، حيث جاءت بيانات الشركات العاملة بالسوق
(باستثناء شركتي العريش والقومية ؛ لعدم توافر بياناتها) لتؤكد ارتفاع تكاليف الإنتاج
خلال فترة البحث بشكل واضح والتى كان لقرار رفع الدعم عن الطاقة وفقا لخطة الإصلاح
الاقتصادي اثرا واضحا بها؛ حيث تمثل الطاقة وحدها نحو ٦٠٪ من تكلفة الإنتاج. وقد انعكس
ذلك على متوسط هامش الربح التشغيلي (يعبر عن
مدى قدرة الشركات على الثبات امام التغيرات السوقية وتحقيق النمو) لشركات الانتاج في
سوق الاسمنت خلال عام ٢٠١٧ ليصل الى ادني مستوى له من ١٩٪ إلى ٦٪ ، خلال الفترة
٢٠١٣-٢٠١٧ ، بل وقد حققت بعض الشركات هامش ربح تشغيلي يصل الى الصفر في عام ٢٠١٧.
ثالثا:
تراجع الانتاج المحلى لشركات الإسمنت خلال عام ٢٠١٧ مقارنة بعام ٢٠١٦ ، على أثر انخفاض
الطاقة الإنتاجية المستغلة بنسبة ٢٪ ،إلا انه أنه لم تتوافر لدى الجهاز اى قرينة على
الاتفاق بين الشركات التى قامت على تخفيض طاقتها المستغلة والتى لم تتعد حصتها السوقية
١٧٪ من المبيعات.
وقد
أرجعت الدراسة ما قامت به هذه الشركات إلى ما واجهته من تحديات ناجمة عن التغيرات الكبيرة في تكاليف الانتاج
سواء الناتجة من رفع الدعم الحكومي عن منتجات الطاقة من جهة، او تلك المترتبة على رفع
سعر العملة الاجنبية والتي اثرت على مستلزمات الإنتاج المستوردة من جهة أخرى، فضلا
عن عدة عوامل أخرى منها إجراءات الصيانة للمكينات ولتشهد الأسابيع الأخير في عام
٢٠١٨ مزيدا من التراجع في الطاقة الإنتاجية الفعلية مع توقف-جزئى- فى انتاج عدد من الشركات في إطار العملية
الشاملة بسيناء، وبالشركة القومية للإسمنت ، حيث لا تتوافر بيانات دقيقة عن انتاج هذه
الشركات .
رابعا:
طبيعة الاسمنت البورتلاندى الرمادي فهو منتج فريد لا يتوافر له بدائل اخرى ، خاصة مع
تفضيل المنتج المحلى عن المستورد، وهو الامر
الذي يترجم فى انخفاض مرونة الطلب السعرية له (أي ان ارتفاع السعر لا يؤثر بشكل كبير
على الطلب عليه) و يفسر الى حد كبير تزامن و تقارب أسعار الاسمنت - عند ارتفاعها- في السوق المحلى.
وبناء
عليه يؤكد جهاز حماية المنافسة زيادة تنافسية سوق انتاج الاسمنت خلال الفترة
٢٠١٣-٢٠١٧ بزيادة عدد الشركات العاملة بالسوق، وتغير الحصص السوقية لها ،وانخفاض نسب
تركز المبيعات في عدد محدود من الشركات، بل ودخول الكثير من الشركات الجديدة إلى السوق،
بالإضافة الى وجود الكثير من العوامل التى ساهمت فى ارتفاع تكاليف انتاج الشركات بمعدلات
فاقت معدلات الزيادة فى الأسعار ، ومن ثم انخفاض هامش ربحية التشغيل الذى دفع بدورة
بعض المصانع لتقليص طاقاتها الإنتاجية الفعلية.
وأخيرا
لا يمكن اغفال ما تقوم به بعض الشركات المنتجة للإسمنت – في الوقت الحالى- من إجراءات
استباقية برفع سعر البيع للحفاظ على العائد على استثماراتها وتحقيق هامش ربح يمكنها
من الاستمرار في السوق، في ظل ارتفاع اسعار الطاقة- المخطط له- في يوليو القادم ، في
إطار خطة الحكومة المعلن عنها لرفع الدعم على الطاقة بشكل تدريجى، و احتدام وشراسة
المنافسة مع دخول مصنع الاسمنت المرتقب- بطاقة انتاجية تقارب ثلث الطاقة الحالية- في
الشهور القليلة القادمة.