الثلاثاء، 8 يناير 2019

لو بص كل مسئول حكومى فى المراية ... ؟؟؟!!

  بقلم : وائل عبد العزيز سيد
         محاسب بوزارة التضامن

"لو بصينا ف المراية .. تبقى دى البداية" هى حملة التوعية التى ترعاها هيئة الرقابة الإدارية فى الفترة الأخيرة، والتى اختارت لها شعاراً يمثل الواقع، وهو أن يبدأ المرء بنفسه وينظر فى مرآته بحثاً عن عيوبه وتقصيره فى واجبه قبل أن يُطالب المجتمع بالتغيير والمرأة هنا هى ضمير كل واحد منا  فالفرد بطبيعة الحال هو وحدة قياس المجتمع، إن صلح الفرد صلح المجتمع كله ... 
وكان تأثير هذه الحملة الدعائية كبير ولمس مرارة الواقع الذى نعيشه وخاصة انها تعرضت على الفساد الناتج من التربح من الوظيفة العامة أو سرقة المال العام مثل سرقة التيار الكهربائى .

لكن الفساد فى الجهاز الإدارى للدوله واهدار المال العام  قد يكون تأثيره أكبر فى جمود فكر المسئول أو القيادة الموجودة فى القطاع الحكومى ... فالتربح واستغلال النفوذ .. صور مباشرة للفساد ومعروفة للجميع .

فقد يكون هناك مسئولين يشهد لهم بالنزاهة والكفاءة التنفيذية فى مهام العمل، ولكن أداءه فى أدارة الجهة وفى ممارسة الوظائف المكلف بها تؤدى لإهدار للطاقات الإبداعية والموارد المتاحة له بسبب عدم تقبله للتطوير و لفكر الأخر .

فأغلب القيادات فى المجتمع العربى والمصرى بصفة خاصة لا يرى سوى نفسه فقط .. ولديه قناعة أن كل قراراته صحيحة، وأن الأخر لا يمثل له شىء وهو دائماً على صواب كأنه نبى مُرسل من الله ويوحى إليه فى كل أعماله ، ويرى فى نفسه أنه لديه كل القدرات والمهارات التى يرى بها الامور ولايحترم فكر ووجهة نظر الأخرين .

وهذه النماذج الموجودة بيننا بكثرة لا تقبل التغيير والتطوير إلا لو تم فرضه عليه من قيادات أعلى منه، ولذلك فأنه دائماً غير قادر على اتخاذ القرارات المناسبة التى تلائم ظروف وبيئة العمل الموجودة والنتيجة الحتمية لكل ذلك هو تراكم مشاكل العمل وعدم استخدام الموارد المادية والبشرية المتاحة الإستخدام الأمثل .

 وهذا هو العامل الأساسى الخفى وراء سوء الخدمات الحكومية  المقدمة فى جهات كثيرة وأهدار المال العام واحباط كل محاولات الإبتكار والإبداع التى تؤدى إلى أنجاز العمل بشكل أفضل واستخدام الموارد المتاحة بكفاءة وفاعلية .

فيجب على كل مسئول عام (( يبص فى المراية )) ومراية الفرد هو ضميره ومراية المسئول هى مشاكل ومعوقات العمل والموارد المتاحة فى الجهة المسئول عنها لإنجاز العمل المكلف به .. فلا يكفى سيادة المسئول أن تتمتع بالنزاهة الشخصية والمهارات الفنية فى عملك، وهذا كان يكفى فى حالة كونك موظف مسئول عن عملك فقط ولكن مادمت أصبحت مسئول .

 (( فكل راع مسئول عن رعيته )) فحجم المسئولية أكبر أمام الله والمجتمع .. فلابد أن يكون المسئول على دراية بمشاكل ومعوقات العمل ويترك مجال للأخر أن يعرض رأيه ووجهة نظره فى معالجة الأمور .. وعلى كل قيادة مسئولة لابد أن يتولد لديها قناعة داخلية بأن قدرته ومهاراته لاتكفى بمفردها .. لرؤية ومعالجة كل الأمور...!!

ولذلك يجب على المسئولين منح الثقة للأخرين بعد التأكد من أمكانياتهم وقدراتهم للقيام بالمهام المختلفة (( ثق بالأخرين وسوف تجدهم مخلصين لك )) وعدم التدخل فى كل أمور وتفاصيل العمل بشكل يعطى إيحاء بعدم الثقة لانه هذا يخلق شعور بالضيق وعدم الارتياح ولابد من أعطاء المرؤسين بحسب مواقعهم الموارد والمساحة الكافية للأبداع فى أنجاز الاعمال .. لكى تتحقق الاهداف المرجوة .

وكما قال سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى إحدى الاجتماعات مع المسئولين بالإسكندرية بشأن نقده للفئة من المواطنين التى تقوم بالبناء بصفة عشوائية وغير رسمية ثم يطالبون الحكومة بتوفيق الأوضاع (( إن الحق حق ولو لم يتبعه أحد وإن الباطل باطل وإن أتبعه الجميع )) .

فيجب أيضاً هنا على كل مسئول أن يراقب الأعمال التى تخص الجهة المسئول عنها لأنه هناك ممارسات فاسدة تتكرر بشكل متكرر ،مما أعطاها الشرعية الباطلة فلابد أن يتم النظر فيها ومراجعتها حفاظا على المال العام والقضاء على التربح من الوظيفة العامة بإستغلال المنصب العام ومن واجب المواطن أن يكون ايجابياً فى تصديه للفساد وإبلاغ الجهات الرقابية .

 ((   فلو بص كل مسئول حكومى  فى المراية .. تبقى دى البداية الحقيقية للإصلاح فى الجهاز الإدارى للدولة   ))