الخميس، 25 سبتمبر 2025

تخطيط موازنة الأسرة المصرية .. الطريق إلي أنسنة التخطيط الاقتصادى ( 2 )


بقلم: م. حسام محرم *

سياسي ونقابي مصري

مستشار حكومي سابقا


نستكمل في الجزء الثاني ما بدأناه في الجزء الأول بشأن الملامح الرئيسية لإنعاش ميزانية الأسرة المصرية وتخفيف الأعباء المعيشية والتي تشمل بعضها ضمنيا حزمة من مزايا عينية متنوعة تساهم في رفع مستوي المعيشة، وقد عرضنا في الجزء الأول خمسة بنود، ونستكمل باقي البنود علي النحو التالي : ...


6. التعليم: الاستثمار في السياحة التعليمية لدعم التعليم المجاني


تتيح السياحة التعليمية فرصة هامة لجذب الطلاب الأجانب إلى الجامعات والمعاهد المصرية، مما يفتح أمام البلاد سوقًا جديدًا للعوائد الاقتصادية. لذا، ينبغي تعزيز الاستثمار في تطوير البنية التعليمية والترويج لها عالميًا.

وعلى غرار السياحة العلاجية، يمكن توجيه جزء من عوائد السياحة التعليمية لتطوير التعليم ليعود مجانيا كما كان في السابق ، مع دراسة الإستفادة من التكنولوجيا الحديثة للتعليم عن بعد والذي لفتت أزمة كورونا إلي إممانية التوسع فيه دون تأثير يذكر علي جودة الخدمات التعليمية في مجالات التعليم الرقمي والتقني، مما يتيح فرص تعليمية متكافئة تقلل من الأعباء المالية التعليمية على الأسرة خاصة من جراء خفض نفقات إنتقال التلاميذ والطلاب والتي أصبحت باهظة لا تقوي عليها الكثير من الأسر مما يؤدي إلي زيادة التسرب من التعليم. 



7. الاتصالات... حق أساسي في العصر الرقمي


الاتصالات أصبحت بندًا أساسيًا في موازنة الأسرة. في إستونيا وفنلندا، تُوفر الدولة إنترنت مجانا في الأماكن العامة، وباقات منخفضة التكلفة، وسيسهم تطبيق هذا النموذج في مصر في تعزيز فرص التعليم والعمل عن بعد، ويُقلص من النفقات الشهرية الأسرية المرتبطة بالاتصال. ولابد من مراقبة سلوك شراكات الاتصالات في تسعير وجودة الخدمات بما يسهم في خفض الأعباء المالية الأسرية في مجال الإتصالات. 



8. التوسع في الدعم العيني … خيار استراتيجي لخفض الإنفاق الأسري


يمثل التوسع في المزايا العينية خطوة استراتيجية في دعم الأسرة المصرية، عبر تقديم الدعم بشكل مباشر ومحدد في صورة سلع وخدمات أساسية، بدلاً من الدعم المالي. ويشمل ذلك دعم السكن المؤثث مسبقًا، اشتراكات النقل المدعمة، الخدمات الصحية والتعليمية المجانية، وباقات الاتصالات منخفضة التكلفة، ودعم الأطعمة الأساسية للمعدمين والفقراء والأيتام والعاطلين وغيرهم من الفئات الهشة. وقد أثبتت تجارب دول عديدة أن هذا الأسلوب يضمن وصول الدعم إلى المستحقين بالفعل، ويقلل من سوء الاستخدام والهدَر في الموارد، مما يُسهم في تقليل تكلفة برامج الدعم الحكومية والقطاع الخاص على حد سواء. ولاشك أن إعتماد الدعم العيني كأداة شاملة ضمن موازنة الأسرة في أحدث نقلة نوعية في كيفية إدارة أعباء المعيشة، ويُعزز من كفاءة الإنفاق ويُساعد في بناء أسرة أكثر استقرارا اقتصاديا.



إن التعامل مع الأسرة باعتبارها وحدة مستقلة ومتكاملة في التخطيط الاقتصادي لم يعد رفاهية، بل ضرورة وطنية. لذلك فإن إنشاء إدارة لتخطيط موازنة الأسرة هو خطوة مؤسسية جادة نحو إصلاح هيكلي حقيقي، يربط بين الدخل الأسرة وبنود الٱنفاق الأسري وبين السياسات العامة، ويوفر حياة كريمة للمواطن دون اللجوء إلى الحلول الفردية أو الموقتة. ولا شك أن الأسرة المستقرة ماليًا هي نواة مجتمع قوي آمن. وموازنة الأسرة ليست مجرد أرقام، بل مشروع وطني يجب أن يبدأ من الآن.



*((تعريف الكاتب))

م. حسام محرم 

سياسي ونقابي مصري 

المستشار الأسبق لوزير البيئة 

شارك في العمل الحزبي في عدد من الأحزاب منذ ١٩٩٩

عضو لجنة البيئة في نقابة المهندسين 

الأمين العام المساعد لنقابة العاملين في وزارة البيئة سابقا