واشنطن - أ.ق.ت - فادى لبيب : قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال استقباله رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إنه «لا يشعر بالقلق» من احتمال وجود فقاعة مالية حول شركات الذكاء الاصطناعي، وأضاف «أنا أحب الذكاء الاصطناعي وأعتقد أنه سيكون مفيدًا جدًا» ...
تزامنت تصريحاته مع موجة بيع في أسهم قطاع التكنولوجيا وقلق عامّ بشأن تقييمات بعض شركات الذكاء الاصطناعي، في ظلّ تقارير عن تراجع مؤشرات كبرى وانسحاب تصريحات مثيرة للجدل من شركات مثل OpenAI بشأن طلب دعم حكومي.
على الجانب الآخر، تتوقع مؤسسات أبحاث مثل جارتنر إنفاقًا عالميًا على الذكاء الاصطناعي بنحو 1.5 تريليون دولار في 2025 ويتجاوز 2 تريليون في 2026، وهو ما يوضح ضخامة التدفقات المالية إلى القطاع.
أبعاد تصريح "ترامب" حول Al
تصريحات الرئيس خلال لقاء في البيت الأبيض يوم الجمعة، قال الرئيس ترامب إنه «غير قلق» من فقاعة محتملة في أسواق شركات الذكاء الاصطناعي، وأكد أنّه «يحب الذكاء الاصطناعي» ويعتقد أنه سيكون مفيدًا جدًا، مشيرًا إلى أنّ الولايات المتحدة تتقدم على الصين والعالم في هذا المجال. هذا التصريح جاء في إطار حديث سياسي أوسع يعكس بعدًا جيوسياسيًا واقتصاديًا للتنافس على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
هل أخشى «فقاعة الذكاء الاصطناعي»؟
أولا — ما المقصود بــ«فقاعة»؟
فقاعة مالية تظهر عندما ترتفع قيمة أداة استثمارية (أو قطاع كامل) إلى مستويات لا تبررها العوائد الأساسية أو الأرباح المتوقعة، مدفوعة بتوقعات مستقبلية مفرطة أو تدفق رأس مال مضاربي. حين تتغير التوقعات أو تتضح عدم جدوى التقييمات، تحدث تصحيحات حادة، أحيانًا انهيارات سريعة في السعر.
ثانيا — مؤشرات تدلّ على احتمالية وجود فقاعة في قطاع الذكاء الاصطناعي الآن
- تركيز السوق وقيم سوقية هائلة — عدد محدود من الشركات يحصد حصة كبيرة من القيمة السوقية ويُقَيَّم بتقديرات مستقبلية طموحة (مثال: شركات المعالجات، شركات الحوسبة السحابية والبرمجيات). عندما تتراكم المخاطر لدى مجموعة صغيرة، يزداد احتمال تبخر جزء من القيمة بسرعة.
- الفجوة بين الإنفاق والقيمة المولّدة (ربحية غير متناسبة) — الشركات تستثمر بكثافة في مراكز بيانات ونماذج ضخمة بتكاليف هائلة، لكن الإيرادات أو الهوامش الربحية قد لا تتناسب على المدى القريب، مما يعرضها لتهديد السيولة أو الحاجة لتمويل خارجي. حالة OpenAI وأيقاف/توضيح فكرة «الضمان الحكومي» مثال حيّ على كيف أن تمويل البنية التحتية يعد عاملاً مركزيًا.
- حضور المضاربات والاهتمام الإعلامي المكثف — عندما يتحول النقاش عن التكنولوجيا من «تطبيقات وقيمة» إلى «من سيربح المليارات غدًا»، يزيد الضغط المضاربي. إشارات سوقية مثل ارتفاع تقييم شركات ناشئة بسرعة كبيرة بتمويلات دورية (rounds) دون دليل قوي على الإيرادات قد تكون علامة تحذير.
- اعتماد على توقعات اقتصادية أو دعم خارجي — اقتراحات التمويل الحكومي أو ضمانات قروض تعكس أن تكلفة الانتشار كبيرة لدرجة أن القطاع قد يتطلع إلى سياسات داعمة، وهذا يزيد حالة عدم اليقين ويذكرنا بفقاعات سابقة حين تدخلات خارجية أو سياسية غيّرت مسارات التمويل.
ثالثا — لماذا قد لا تكون فقاعة كاملة قابلة للقياس بنفس طريقة فقاعات الماضي
- قاعدة واقعية للتبني التجاري — كثير من الشركات بالفعل تُدرج قدرات ذكاء اصطناعي في منتجاتها (من تطبيقات الأعمال إلى الأجهزة الاستهلاكية)، مما يخلق طلبًا حقيقيًا على البرمجيات، البنية التحتية، وخدمات الدعم. غارتنر تتوقع إنفاقًا ضخمًا مدعومًا بنشر تقنيات في قطاعات واسعة، وهذا يميّز الذكاء الاصطناعي عن «موضة مؤقتة».
- تحوّل بنيوي في البنية التحتية للتكنولوجيا — الاستثمارات في الخوادم المتخصصة، مراكز البيانات، والبنى السحابية تنتج بعدًا استثماريًا طويل الأمد، لا يختفي بمجرد تذبذب أسعار الأسهم.
- الابتكار المنتج والتكامل — حالات استخدام ملموسة (أتمتة، تحسين قرارات، أتمتة خدمة العملاء، تشخيص طبي تحسيني) تولّد قيمة حقيقية للشركات والعملاء، ما يقلّل احتمال أن تكون كل الاستثمارات مضاربة بحتة.
رابعًا — نظرة توازنية (خلاصة الرأي)
- أخشى وجود فقاعة جزئية — نعم: بسبب بعض إشارات المضاربة، تركيز السيولة في مجموعات محدودة من اللاعبين، وتفاوت واضح بين التقييم والربحية القصيرة الأجل لبعض الشركات. هذا يعني أن المستثمرين المُغرِقين في المخاطرة قد يواجهون تصحيحات كبيرة في أسهم بعينها.
- لكن لا أظن أن كلّ تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي فقاعة عابرة: هناك بالفعل تحول اقتصادي حقيقي مع استخدامات عملية وستستمر استثمارات البنية التحتية والتكامل في خلق قيمة فعلية على المدى المتوسط والطويل. الغلبة هنا ستكون لِمَن يملك نماذج أعمال واضحة وهوامش ربحية قابلة للاستدامة.
روابط مفيدة ذات صلة من أجل قراءنا للإستفادة من AI :
- قراءة مفصّلة: هل تخشى فقاعة الذكاء الاصطناعي؟ تحليل وإرشادات استثمارية
- خلفية عن الإنفاق وتحليلات السوق: تقرير استثماري وتحليلي عن إنفاق وتوجهات 2025
- حالات تقنية وتطبيقية (مقالات مختارة): مقالات تقنية وتأملات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي
- مراجعات سوقية وسياسات: مراجعات أسواق وسياسات دعم التقنية
- رؤية مستقبلية سريعة: مقالات مختصرة — نظرة على 10/2025
ماذا يعني هذا للمستثمرين، الشركات، وصانعي السياسات؟ (نصائح عملية)
-
للمستثمرين الأفراد
- لا تعتمد على «الضجيج» الإعلامي: افحص الأساسيات (نمو الإيرادات، هوامش الربح، تدفقات النقد الحر، نسبة الدين إلى رأس المال).
- نوّع محفظتك؛ تجنّب التعرض المكثف لأسهم شركات ذكية تكنولوجياً دون أرباح مثبتة.
- ادرس صناديق متخصصة أو شركات بنّاءة قيمة (infrastructure, cloud providers) بدلًا من المقامرة على «الشركة التالية» فقط.
-
للشركات الناشئة والمديرين التنفيذيين
- ركز على الطريق إلى الربحية، إدارة التكاليف، وضبط الإنفاق على بنى تحتية لا يُمكن تحمّلها دون خطة عائد واضحة.
- ضع في الحسبان سيناريوهات تمويل بديلة (شركاء صناعيون، عقود طويلة الأجل، نماذج اشتراك) بدل الاعتماد على جولات تمويل مستمرة.
-
لصانعي السياسات
- الشفافية في تصريحات الشركات الكبيرة حول احتياجات التمويل ضرورية (أي تصريحات مبهمة عن «طلب دعم حكومي» قد تُثير الاضطراب في الأسواق).
- النظر في أطر تمويل مشروطة تضمن المنافسة والشفافية إذا قررت الحكومات التدخّل لدعم البنية التحتية الحيوية.




