الثلاثاء، 13 يناير 2015

التحدى الاقتصادى … و التجربة البرازيلية

نادر صليب

إن التحدى الاعظم الذى يواجه مصرنا الغالية فى المرحلة الحالية هو تحقيق النمو الاقتصادى، الذى يساعد مصر فى تخطى هذه المرحلة الى مرحلة اخرى جديدة تنهض بكل مؤسسات الوطن . حاولت كثيرا ان ان ابحث واطلع على تجارب تساعدنا على فهم معطيات المرحلة الحالية و ايضا تشبه مستوانا الاقتصادى لم اجد الا البرازيل و تجربتها الاقتصادية لان البرازيل مجتمع يعانى من نفس مشكلاتنا من الفقر و الامية والمشكلات الاجتماعية وفساد ادارى فى كثير من الحكومات السابقة .. 

و تبدأ هذه التجربة بتولى/ لولا دا سيلفا الذي تولى رئاسة البلاد لمدة ثماني سنوات (2003-2010)، حيث تقدمت البلاد خلال تلك الفترة تقدما كبيرا على الصعيدين السياسي والاقتصادي ..

1/ ما الذي توفر للبرازيل لتحقق تلك المعجزة ؟
البرازيل هي بحق ارض المتناقضات، حيث تختلط فيها ناطحات السحاب مع عشش الصفيح، ومناخيا توصف بأنها اكبر مستودع للتنوع الحيوي في العالم، حيث تتواجد جميع الأنظمة البيئية. وديموغرافيا يعيش على هذه الأرض شعب تشكل من أعراق وأصول متباينة 54% بيض 39% ملونين .
وايضا امتلكت البرازيل إلى جانب قدراتها الطبيعية من حيث الأراضي الزراعية الشاسعة والأنهار الكثيرة والثروات الطبيعية مثل النفط والمعادن الوفيرة، بالإضافة إلى القوة السكانية التي تقترب من 200 مليون نسمة. امتلكت إلى جانب كل ذلك مناخ ديمقراطي سليم بدأ أولى خطواته في 1985 واخذ في النمو والاستقرار على مدار سنوات.
إذا عند وصول “لولا” إلى الحكم في 2003 كانت البرازيل لديها خبرة 17 عاما من التجربة الديمقراطية بعيدا عن تدخل المؤسسة العسكرية بعد تاريخ طويل من الاستبداد والقهر العسكري، هذا المناخ الديمقراطي افرز إرادة شعبية قوية ورغبة عارمة لدى البرازيليين لتحقيق النجاح والنمو والتقدم رغم الفقر الشديد .
وفى النهاية توفر للبرازيل زعيم برتبة رئيس لديه تاريخ طويل من العمل السياسي والنقابي ولديه خبرة حقيقية بمشكلات الدولة والشعب والاهم أن لديه إرادة للنجاح وتحقيق النمو والتقدم وهدف وحيد وهو مصلحة البرازيل، وكما يقول المحللين في البرازيل أن “لولا” مكث في الرئاسة ثماني سنوات لم يتربح لنفسه ريالا واحدا على الإطلاق. امتلك “لولا” عزيمة قوية للنجاح وكاريزما جعلت من اوباما يقول عنه: (لولا هو السياسي الأكثر شعبية على وجه الأرض).
2/ تفاصيل سياسة “لولا” الاقتصادية لتحقيق النمو ومعالجة الفقر والخروج من شبح الإفلاس .
1/ تنفيذ برنامج للتقشف :-
نفذت البرازيل برنامجا للتقشف وفقا لخطة صندوق النقد الدولي بهدف سد عجز الموازنة والقضاء على أزمة الثقة، والمهم انه عند تولى “لولا” الرئاسة لم يتراجع عن هذا البرنامج الذي كان قد بدأه سلفه “كاردوسو” بل استمر فيه على غير توقعات ومخاوف الطبقات العليا، حيث لجأ للصراحة والمكاشفة وأعلن أن سياسة التقشف هي الحل الأول والأمثل لحل مشاكل الاقتصاد، وطلب دعم الطبقات الفقيرة له والصبر على هذه السياسات، وقد كان له هذا بسبب شعبيته ونجاحاته المتتالية.
وقد أدى برنامج التقشف إلى خفض عجز الموازنة وارتفاع التصنيف الائتماني للبلاد ومن ثم ساهم ذلك بقوة في القضاء على انعدام الثقة في الاقتصاد البرازيلي، وبناء عليه تلقت البرازيل نحو 200 مليار دولار استثمارات مباشرة من 2004 وحتى 2011 ، بالإضافة إلى ذلك دخل ما يقرب من 1.5 مليون اجتبى للإقامة في البرازيل في 2011 وعاد نحو 2 مليون مهاجر برازيلي إلى البلاد. وقد أدت هذه الاستثمارات إلى رفع الطاقة الإنتاجية للدولة وهو ما يعنى توفير فرص عمل جديدة ومن ثم المساهمة في حل مشكلة الفقر. وبعد أن كان صندوق النقد يرفض إقراض البرازيل في أواخر عام 2002 أصبح الآن بعد ثماني أعوام من العمل في برنامج لولا الاقتصادي مدين للبرازيل ب 14 مليار دولار.
2/ تغيير سياسات الإقراض :-
تم توفير تسهيلات ائتمانية، حيث خُفضت سعر الفائدة من 13.25% إلى 8.75 % وهو ما سهل الإقراض بالنسبة للمستثمرين الصغار، ومن ثم أدى ذلك إلى تسهيل إقامة المشروعات الصغيرة وتوفير فرص عمل ورفع مستوى الطاقة الإنتاجية والنمو وهو ما ساهم بشكل عام في حل مشكلة الفقر. وتشير الأرقام إلى أن نصف سكان البلاد زاد دخلهم خلال العقد الأخير بنسبة %68 ..
من هذا التحليل المستفيض للتجربه البرازيله يتضح لنا الاتى :-
1/ قد بدئنا بسياسه التقشف الاقتصادى برفع الدعم عن كثير من السلع .
2/ بدئنا فى عمل مشروعات قوميه (محور قناه السويس) تدر دخل قومى اضافى لبلدنا .
3/ لدينا التنوع الجغرافى و المناخ من دلتا الى صحراء شرقية و غربية الى مدن ساحلية و هذا التنوع يخلق نوع من الثراء التنموى الاقتصادى .
فى النهايه نحن لا ينقصنا الا العزيمة التى كانت لدى البرازيليين لتحقيق هذه الطفرة فنحن لدينا زعيم لا يقل وطنية و جساره عن لولا دا سيلفا  .
حفظ الله مصر … حفظ الله جيش مصر