الثلاثاء، 26 أغسطس 2014

القطاع العام فى مصر .. والتجربة الهندية

فادى لبيب  : “القطاع العام” فى مصر تعبير للدلالة على شركات ومصانع كانت فى عقود سابقة رمزاً لقلاع الصناعة ، تدار من قبل مؤسسات عامة أو شركات قابضة تتبع الدولة بشكل مباشر، وكان هذا القطاع فى وقت ما هو الأقدر على إستيعاب التطورات التكنولوجية فى الكثير من المجالات أهمها صناعة الحديد والصُلب ، الغزل والنسيج ،والصناعات التحويلية بصفة عامة ، كذلك الصناعات الغذائية .. لكن بمرور السنوات وتغيير السياسات الاقتصادية العامة فى مصر من قيادة سياسية إلى آخرى ، ومع سياسية الإنفتاح الاقتصادى فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات التى تتلخص فى إتباع نظام الحرية الاقتصادية ، خاصة حرية الإستيراد التى باتت سمة تلك الفترة ، والتى بدورها وضعت شركات ومصانع القطاع العام فى مأزق عدم القدرة على منافسة المنتج القادم من الخارج ، وبمرور الوقت تراجع هذا القطاع بشكل ..
ملحوظ وفى نفس التوقيت الذى بدأ فيه القطاع الخاص الوقوف على قدميه ، بل أصبح هو القادر على إستيعاب التطورات التكنولوجية والفنية والإدارية المتلاحقة ، حتى أصبح القطاع الخاص يمثل 80 % من الطاقة الإنتاجية فى مصر . وباتت شركات ومصانع القطاع العام فى حالة سيئة للغاية ، بل عبئاً رهيباً على موازنة الدولة والاقتصاد ككل ، نتيجة تراكم الديون المصرفية عليها بلا جدوى تُذكر ، وتراجع القدرات الإنتاجية والإدارية وتخلفها عن مواكبة المستورد من المنتجات والسلع كذلك القطاع الخاص . وأصبح هناك تسائل حول طبيعة التعامل مع هذا القطاع فى ظل المتغيرات والمُعطيات الجديدة فى مصر. ولذلك تحدثت “وطنى ” مع مجموعة من الخبراء ما بين اقتصاديين ومصرفيين فضلاً عن الحديث مع واحداً من رجال الصناعة المصريين المشهود لهم .
حيث يرى الكيميائى لويس بشارة ورجل الصناعة المعروف أن مشكلة القطاع العام فى مصر تُكمن فى خوف الدولة من الثورات ضدها من قبل العاملين فى هذا القطاع لمواجهة أى طرح جديد أو فكرة من شأنها التعامل مع الوضع المترضى لمصانع وشركات هذا القطاع .. وقال : إن الهند وبالتحديد فى مونبيه العاصمة كانت تعانى نفس المشكلة فى قطاعها العام منذ حوالى 50 سنة تقريباً ، وكان الحل المنصف هو بيع أراضى المصانع باهظة الثمن واللجوء إلى مناطق أخرى زاهيدة الثمن لإقامة مثل هذه المصانع عليها ، وأضاف : فالمصانع لدينا فى المحلة الكبرى وطنطا وشبين الكوم وحلوان وغيرها تعانى نفس الظروف خاصة مسألة إرتفاع أسعار هذه الآراضى بشكل كبير للغاية وهى تعانى من التراجع المستمر فى انتاجيتها وضعف إمكانيتها على المنافسة والبقاء ، وتكبلها بالديون لدى البنوك وغيرها .. مما جعلنا نفكر بشكل جدى لماذا لا يتم بيع أراضى هذه المصانع والذهاب مثلاً للمدن الصحراوية والإجابة ببساطة هى أن الحكومة خائفة من مواجهة رد فعل مثل هذه القرارات ، تخوفاً من مواجهة ثورة العاملين بهذه المصانع والمتمثلة فى الإضرابات والإعتصامات وغيرها آليات إعتراض عمليات التغيير . ورداً على سئوال ل”وطنى” يتعلق بزيادة تكلفة الإنتاج بما فيها تهيئة المناخ الملائم للعاملين فى حالة نقل زيادة تكلفة هذه المصانع إلى مناطق شبه نائية ، أكد رجل الصناعة المصرى الكيميائى لويس بشارة أنه فى حالة تنفيذ عمليات بيع آراضى هذه المصانع فإن الثمن الذى سيُدفع فيها يكفى تكلفة هذا الإنتقال بما فيه تكلفة هذا وسائل الإنتقال للعاملين ودفع تكلفة مايرضى العاملين بل وتهيئة المناخ الملائم لهم .. لكن المشكلة أن العاملين دائماً ما يُفكرون فى إرتباطهم الجغرافى بأسرهم وأصدقائهم فى المدن الحالية ، مما يجعلهم مُناهضين تماماً للإستجابة لمثل هذه الأفكار ، مُشيراً إلى أن هذا الحل معرف بالنسبة العالم كله وهناك من يتبعه ويُطبقه ، هذا الإضافة إلى أن ذلك المسلك اتبعه القطاع الخاص والكثير من رجال الأعمال عندما توجهوا للمدن الجديدة كالعاشر من رمضان وغيرها .
كما يرى أن الظروف الضاغطة أكثر صعوبة فى مصر لإتحاذ الحلول الوسيطة ، خاصة فى ظل فتح باب الإستيراد على مصراعيه وزيادة تكلفة المنتج المصرى فى ظل الإرتفاع الكبير للإجور ،كذلك ضعف تسويق المنتج المحلى فى الأسواق الداخلية ، نظراً لإزدحامه بالكثير من المنتجات المختلفة سواء فى المحلات أو على الأرصفة .

هاني توفيق :القطاع العام في مصر ليس له مثيل في العالم


facebook page : وكالة الأخبار الاقتصادية والتكنولوجية