الثلاثاء، 26 يونيو 2018

صرخة نملة .. بالجهاز الإدارى للدولة


         بقلم : وائل عبد العزيز سيد  
    Waelseliman14@gmail.com    
             محاسب بوزارة التضامن
تابعت تصريحات سيادة الرئيس والقيادات السياسية فى أكثر من مناسبة بشأن تضحم حجم العاملين بالدولة وتدنى مستوى الأداء الحكومى ، فأصبح الموظف الحكومى مرادف لصفات كثيرة سيئة مثل الرشوة والفساد وانعدام الضمير والكسل والهروب من المسئولية ... وأنا كأحد العاملين بالجهاز الإدارى للدولة ( نملة ) حاولت مع بعض الزملاء بالجهاز الإدارى للدولة أن نغير هذه الصورة السيئة التى حفرت فى أذهان القيادة السياسية بل فى أذهان المجتمع المصرى بأسره ..!!!  
وجاءت الفرصة بتشجيع الدولة للأفكار والأبتكارات من أجل غد أفضل لمصرنا الحبيبة وكان محور الإبتكار الحكومى نصيب من تشجيع الدولة لموظفى الجهاز الإدارى للدولة لكل مجتهد ومبتكر من موظفى الجهاز الإدارى يحاول أن ينهض بجهة عمله ويقوم  بتقديم حلول غير تقليدية لمعوقات ومشاكل العمل .
وبالفعل تبنت عدة جهات حكومية تشجيع الموظف الحكومى على الإبتكار والإبداع من أجل رفع مستوى الأداء الحكومى مثل وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى وأكاديمية البحث العلمى، وتم عمل مبادرة إبداع الحكومية منذ عام 2015 بدعم هذه الجهات لتشجيع موظفى الدولة على الإبتكار والإبداع ، وتم تخصيص جزء من فاعليات مؤتمر القاهرة تبتكر الذى يقام سنويًا بصفة دورية للأبتكار الحكومى ، وبالفعل ساندت الدولة كل فكر أو إبتكار يُساهم فى تحسين مستوى الأداء الحكومى .
ولكن ...؟؟؟!!!!  لم يتعدى تشجيع الدولة للأفكار والإبتكارات سوى التكريم لأصحابها والتوصيات بدراسة التنفيذ .. وعن تجربة عملية فى محاولة تنفيذ الإفكار والإبتكارات بجهة العمل  بجهد فردى ولم يتم التدعيم الا من وزارة التخطيط والمتابعة والاصلاح الإدارى الغير ملزم للجهات الحكومية فكان التدعيم لم يتعدى سوى التوصية بدراسة التنفيذ؟؟؟؟!!!!
وبالفعل تم تنفيذ جزء من الإفكار المقدمة ولكن ليس لأى شىء سوى اقتناع القيادات بجهة العمل لتنفيذ الفكر فى ذلك الوقت .. ولكن عند تغير القيادة وعدم وجود أى فكر لتبنى الإفكار والإبتكارات تذهب جميع التوصيات بدراسة تنفيذ الافكار أدراج الرياح ولا يتعدى دراسة أو تنفيذ أى فكر أو إبتكار لدى سيادة المسئول إلا بالتأشيرة المشهورة وهى (( هام وعاجل .. للدراسة والعرض )) ويتم حبس ما يقدم  فى الأدراج ويتم تجاهل أى فكر أو إبتكار لأى موظف فى ظل وجود قيادات غير مقتنعة بالتطوير وتقاوم أى محاولة للتغيير ويخضع التقييم للأفكار والإبتكارات للأهواء الشخصية للقيادات التى تتولى مقاليد الأمور بل يتعدى الأمر لهدم وتجاهل جميع الأفكار التى نفذت من قبل وتهميشها وعدم الإهتمام بتنفيذها ويؤدى ذلك لإهدار لكل فكر منفذ ويتم إهدار الموارد البشرية والمالية التى تم تخصيصها بالفعل للتنفيذ .
 وهذه صورة من صور الإهدار الجسيم للمال العام لأبد أن تنتبه اليها الجهات الرقابية بالدولة ويتم المحاسبة الفعليه عليه .
ويصبح هنا الموظف الذى يريد التغيير (( نملة )) تصرخ من الألم تحت أقدام قيادات جمود الفكر الموجودة على قمة الجهاز الإدارى لجهة العمل  .. ولا تسمع صرخة النملة إلا فى المحافل والمؤتمرات التى تهتم بها الدولة لعرض الإبتكارات والأفكار ولكن دون أى ضمانات لدراسة التنفيذ الفعلى وتخرج التوصيات وشهادة التقدير لموظفى الدولة المبتكرين الذى لا تتعدى قيمتها سوى الورق والحبر المكتوب بها شهادة التقدير .
 ويرجع الموظف المبتكر (( النملة )) لجهة عمله وهو محاط بنظرات السخرية من زملائه وأصوات الإحباط أن كل ما يفعله يذهب هباء ، بل يمكن أن يؤدى لظلمه وتهميشه من القيادات التى تحاول بكافة السبل .. لعدم وصول صوته لمتخذ القرار ويكون جزاء تفكيره وإبتكاره هو الإبتعاد عن أى حافز معنوى أو مادى وتكون النتيجة ان يتأخر عن أقرانه فى العمل ، ويكون منبوذ من القيادات .
وأيضاً عدم أقتراب زملائه منه خوفاً من تنكيل القيادة الحالية والذين كانوا بالأمس يتهافتون على الاقتراب منه عند وجود القيادة التى كانت مقتنعه بالفكر المقدم منه، ولكن الأن هو فى القائمة السوداء ولا يتم الأقتراب منه أو مساعدته خوفاً من بطش القيادات الحالية .
فالموظف الحكومى (( النملة )) المتهم بسوء انتاجيته ضحية لبيئة العمل .. فى ظل وجود عدم استجابة من القيادات لأى فكر او تطوير ويكون النجاح فى التطوير والتغيير من قبيل الصدفة البحتة وفى حالة واحدة فقط وهى أن  يتولى مقاليد الأمور قيادة إدارية لديها إرادة التغيير وسلطة أتخاذ القرار فى تنفيذ الفكر المقدم  .
وفى ظل عدم وجود صفه الإلزام لدراسة التنفيذ الفعلى لكل فكر أو إبتكار يساعد على تحسين الأداء الحكومى بالدولة  يصعب تحسين الأداء الحكومى بالرغم من تشجيع واهتمام الدولة ولكن دون وجود أليات وقرارات ملزمة  .
 إلى كل من يهمه الخير والإرتقاء بمصرنا الحبيبة .. (( اغيثونا )) .. فهل من مجيب يسمع ويغيث (( صرخة النملة )) ؟؟؟!!!