السبت، 16 نوفمبر 2024

بخصوص مكلمة الإيجار القديم ... !!

 مراد منير
 كتب : مراد منير

 كنا فاكرين الحكمة من استحواذ لجنة الإسكان بمجلس النواب بالتحديد علي ملف الإيجار القديم لأن معظم أعضاء هذه اللجنة هم من المهندسين، وأيضًا خبراء في السوق العقاري وبالتالي ممكن يكونوا مُلمين أكتر من غيرهم بالمشاكل الهندسية المتعلقة بملف الإيجار القديم مثل إنهيار العقارات نتيجة انتهاء عمرها الافتراضي ...


وأن حجم العقارات الآيلة للسقوط يُقدر بنصف مليون وحدة بخلاف الوحدات التي تحتاج لكثير من الصيانة وأن العمر الإفتراضي للعقار طبقًا للكود المصري للبناء هو أربعون عامًا فقط، بينما في الواقع نري عقارات بسبب هذا القانون تتجاوز اعمارها الـ 150 عامًا وأكثر علاوة علي افتقادها للصيانة وبخلاف سؤ الإستخدام ...

 

كُنا فاكرين النواب دُول حيكلمونا عن مشاكل الصيانة في عقارات الاإجار القديم، وفي التشوه الحضاري والمعماري وتخريب التراث المعماري الرائع لكثير من المناطق التي اشتهرت به، وكانت محل انظار كثير من زوار العالم لمصر، وتأثير هذا التخريب سلبيًا علي السياحة.. كان المفروض يكلمونا عن الإيجار القديم من زاوية تسببه في صعوبة تمكن الدولة من إعادة التخطيط والتنظيم المعماري لكثير من المناطق وتوسعة الطرق والشوارع وصيانة وتطوير البنية التحتية للعاصمة العريقة القاهرة وباقي المدن الكبري ..

 

كنا منتظرين يكلمونا عن تسبب هذا القانون في التكدس والإرتباك المروري وصعوبة ايجاد أماكن لركن السيارات نتيجة انعدام وجود جراجات بهذه العقارات نظرًا لقدم بناءها، حيث لم يكن هناك حاجة لذلك بسبب الكثافة السكانية المنخفضة وانخفاض أعداد المركبات في هذه الحقبات البعيدة ..

 

كنا منتظرين يكلمونا عن الكثافة السكانية العالية في المدن المنكوبة بقانون الإيجار القديم بسبب انتشار العشوائيات فيها والتي تسبب في انتشارها بأطراف تلك المدن استمرار العمل بهذا القانون اللعين العتيق وأن هذه الكثافة السكانية الغير محتملة وسؤ توزيعها تؤدي إلي زيادة تكلفة النقل والمواصلات والوقت المستغرق للتنقل وارتفاع في فاتورة الطاقة والمحروقات علاوة علي تدني جودة الحياة، وعلي النقيض من ذلك تمامًا نجد انفاق من الدولة والقطاع الخاص علي السواء واستثمارات بتريليونات الجنيهات للخروج من الوادي الضيق الذي تتكدس به المدن القديمة ذات الكثافة السكانية الخانقة والبيئة الطاردة للاستثمار إلي البناء بمدن جديدة وعاصمة جديدة في قلب الصحراء، ورغم هذا الانفاق الضخم وهذه الجهود الجبارة التي تعتبر من أولويات الاستراتيجية العامة للدولة منذ منتصف السبعينات إلا اننا نجد تدني رهيب في الكثافة السكانية بهذه المدن وعزوف كبير من المواطنين علي الإقامة والعمل بها بإستدامة مما يجعل الجدوي الاقتصادية لكل هذا البناء وكل هذه الانجازات من بنية تحتية او فوقية ليست بمحلها ولم تقدم للمواطن أي ثمار مأمولة حتي وان كان هناك بعض الإقبال للشراء للإقتناء بغرض ما يسميه البعض الاستثمار بينما هو لا يخرج عن مضمون المضاربة وتجميد الثروات..

 

هل حدثنا يوما نائب من نواب هذه اللجنة الكرام أن السبب في هذا الإحجام من المواطنين للانتقال والإقامة الدائمة بهذه المدن سببه الأول ارتفاع تكلفة السكن المبالغ فيه في هذه المدن بسبب توجه المستثمر العقاري للبناء فقط للمستثمرين والمضاربين أو لطالبي السكن فوق الفاخر بينما السبب الثاني يكمن في الانخفاض المبالغ فيه في تكلفة السكن في القاهرة والمدن الكبري المكتظة بالسكان بسبب الإيجار القديم او انتشار العشوائيات وهي الأبن الشرعي لهذا القانون ..

 

فهل هناك عاقل يُمكنه أن يتخيل ان يقرر انسان يقيم في حياة هادئة ومستقرة بمسكن مريح ومناسب في منطقة عريقة بالقاهرة وايجاره الشهري مثلا 5 جنيهات فكيف له أن يُفكر أن يتركه ليستبدله بوحدة بأحد المدن الجديدة في قلب الصحراء وعليه أن يدفع قيمتها التي تتجاوز الملايين .. لم يحدثنا أحدهم أن تحقيق استراتيجية الدولة في تشجيع المواطن للانتقال وتفريغ القاهرة والمدن الكبري القديمة إلي العاصمة الجديدة، وباقي المدن الجديدة بالصحراء يلزمه عوامل جذب للتشجيع بالنتقال لهذه المدن كما يلزمه أيضا عوامل طرد من المدن القديمة وأهمها هو الغاء هذا القانون الجاسم علي منظومة الإسكان كلها ويفسدها..


نواب البرلمان المحترمون بلجنة الإسكان أو بمن يعاونهم أيضا من لجنة الإدارة المحلية وعلي مدار نحو عشر سنوات من الاستحواذ علي ملف الإيجار القديم تجنبوا تمامًا الحديث عن هذه الحيثيات بل والتداعيات وهي من صلب تخصصهم ولم يتحدث أحدًا منهم متناولًا هذا الملف إلا واتحفنا بمعلوماته الغزيرة عن العديد من المحاذير كلها تتعرض فقط للبعد الاجتماعي لمستأجر الإيجار القديم ولضعف دخله وعدم امكانياته المادية وظروفه الصحية والعائلية وأنه غلبان وعلي المعاش وهناك ظروف الحياه الصعبة والأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد والتضخم وأعباء الحياة، ورغم ذلك فأنه تغافل تمامًا البعد الاجتماعي أيضًا للملاك خاصة وأن استمرار القانون لمدة تجاوزت الـ 77 عامًا (قانون 121 لسنة 1947) انتجت عددًا من ورثة المالك الأصلي لأي عقار بما يفوق عدد أفراد السكان بالعقار وبأضعافهم أيضًا وأن ظروف هؤلاء الملاك هي نفس ظروف أي مواطن بالوطن فهم أيضًا من المسنين والأرامل ويتقاضون أيضا معاشات ضعيفة ومنهم من ليس له أي دخل سوي من نصيبه في الإيراد الصفري للعقار، مما يدفعه لمد اليد والتسول وأن الظروف المحيطة هي تشمل الجميع ويتعرض لها الجميع أيضًا ..

 

علاوة علي أن التحكيم بين أي أطراف عموماً لا يتضمن أبدًا معيار البعد الاجتماعي لأيًا من هذه الأطراف بل أن البُعد الاجتماعي هو من مسؤلية الدولة وأنما المعيار الأساسي بل والوحيد في التحكيم هو تحقيق العدل والحق ورفع الظلم فورًا دون تباطؤ أو تخاذل، والأهم من ذلك أيضًا هو تحقيق المصلحة العامة للدولة والنظر لمصلحة كل أفراد المجتمع وفئاته ..

 

الخلاصة أن هؤلاء النواب المحترمين تخلوا عن دورهم الأساسي الذي استدعي اختيارهم دون غيرهم للحاجة الي تخصصهم وخبرتهم وتحولوا إلي شئون اجتماعية ومكلمة الفقير والغلبان فعلاوة علي عدم تعاونهم بتقديم خبراتهم التخصصية فنجدهم أيضًا في نفس الوقت منتفعين من استمرار هذا القانون وأن مصالحهم الخاصة والشخصية تتعارض كثيرًا مع الغاء القانون وتحقيق المصلحة العامة مما يستدعي لوقفة وإعادة نظر ..

 

مطلوب من هاتان اللجنتان ان تبت وتصل لحل في قانون الإيجار القديم خلال ثماني شهور فقط وقبل إنتهاء الدورة البرلمانية الأخيرة للمجلس ولا يوجد حل يمكننا أن نطلق عليه تسمية حل إذا كان لاينتهي أخيرًا بتحرير العلاقة الايجارية لكل وحدات الإيجار القديم بكافة أنواعها والغاء القانون برمته ..

 

وهنا علينا أن نتساءل طالما أن أعضاء لجنة الإسكان لم تقدم خبراتها الحقيقية والهندسية او المعمارية بهذا الصدد وبنفس الوقت هناك شبهة (مؤكدة) لانتفاع هؤلاء بإستمرار القانون حيث أن غالبيتهم يمتلكون شركات عملاقة للتطوير العقاري أو يستثمرون بشكل أو بأخر في السوق العقاري، وقد تتعارض مصالحهم الشخصية بشدة إذا تم المساس بهذا القانون والتخلص منه نظرًا لتوقع انخفاض في اسعار الوحدات علي جميع المستويات وايضًا القيم الايجارية بالسوق العقاري في هذه الحالة لزيادة العرض نتيجة تدفق الوحدات المحجوبة عن السوق العقاري من الوحدات المنكوبة بالايجار القديم ..


لذلك نري هؤلاء النواب يتوجهون نحو شماعة البعد الاجتماعي للمستأجر وظروف المستأجر المادية فهناك اذا ضرورة قصوي  لسحب هذا الملف من هذه اللجنة لأن اذا كان المعيار الذي نقيس به هو البعد الاجتماعي فإن لجنة التضامن الاجتماعي اذا هي الاولي لتستحوذ علي هذا الملف وتجد لنا فيه حلا ولاسيما انها سوف تتناول البعد الاجتماعي للمستأجر وللمالك ايضا علي حد سواء وايضا ستكون الدولة هي المسؤل عن هذا البعد وليس كما يحدثنا نواب عصرهم بان القانون من الصعب التخلي عنه بسبب البعد الاجتماعي للمستأجر وهذا يعني ببساطة ان يكون المالك هو المسؤل عن البعد الاجتماعي للمستأجر وليس الدولة فيصبح هناك مواطن وقد يكون فقيرا هو المسؤل عن اعالة مواطن اخر وقد يكون اكثرا ثراءا ودخلا منه ويقوم المواطن بدعم نظيره المواطن بشكل يدعو للتعجب بل وللسخرية ..

 

يجب أن تكون هناك وقفة ومطالبة رسمية من تدخل رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب في هذه المهزلة التي تعايشنا معها بإشمئزاز علي مدار عشرة سنوات لتحويل هذا الملف لدراسته والبت الفوري فيه من جانب لجنة التضامن الاجتماعي وايضا من اللجنة الاقتصادية وهي اساسية في هذا المضمار لأن هناك اضرار بمليارات الجنيهات تتكبدها الدولة بسبب استمرار العمل بهذا القانون في حين ان هناك أيضًا مليارات من العوائد المنتظرة في حال الغاؤه.

 

هذه ثروات ومقدرات دولة بأكملها ولا يجب ان نمنحها في يد حفنة من المنتفعين ونواب المصالح. ولقد آن الاوان لأن نتخلص من قانون لعين وظالم ينتفع منه اقل من 3٪ من اجمالي المجتمع معظمهم من الاغنياء وننظر بعين الاعتبار لل 97٪ الباقية التي تتلوي وتنكوي بنار التمليك وعذاب ومذلة الايجار الجديد.